تعد مواجهات ريال مدريد وبايرن ميونخ، إحدى كلاسيكيات دوري أبطال أوروبا، نظرًا لعراقة الناديين ومدى الندية التي تشهدها تلك المباريات باستمرار.
تلك الندية تظهر في تقارب عدد انتصارات كل فريق على الآخر، إذ يتفوق بايرن ميونخ بـ12 فوزا، مقابل 11 للريال، بينما حسم التعادل 4 صدامات بينهما.
وانه ومن المثير أن كلا الفريقين سجلا 44 هدفا في شباك بعضهما، لتتساوى الكفتان على الصعيد التهديفي.
وقد تتجه الأنظار غدًا الأربعاء صوب ملعب سانتياجو برنابيو، لمتابعة مواجهة متجددة بين العملاقين في إياب نصف نهائي دوري الأبطال بعد التعادل (2-2) في الذهاب.
وايضا وشهد العقد الأخير هيمنة واضحة للميرينجي، الذي استطاع إقصاء البايرن بكافة المناسبات التي اصطدما بها في إقصائيات البطولة منذ عام 2014.
ولكن قبل هذه الهيمنة الواضحة، هناك ليلة لا تُمحى من ذاكرة عشاق ريال مدريد، رغم كثرة سيناريوهات الانتقام بعدها.
السقوط الأخير:
في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان 2012، كان البرنابيو شاهدًا على موقعة محفورة في أذهان مشجعي الريال حتى هذه اللحظة، حينما استقبل الأخير نظيره الألماني في إياب نصف النهائي أيضا.
تلك المواجهة جاءت بعد فوز بايرن في الذهاب (2-1)، ما كان يعني حتمية انتصار الفريق الملكي بفارق أكثر من هدفين للعبور إلى النهائي.
المثير للدهشة أن الريال نال مراده في أول 14 دقيقة بعدما سجل هدافه التاريخي كريستيانو رونالدو ثنائية في غضون 8 دقائق فقط.
لكن الهولندي آريين روبن كان حاضرا بهدف التقليص في الدقيقة 27، لينتهي الوقتان الأصلي والإضافي بتقدم الريال (2-1)، ما كان يعني تعادل الفريقين ذهابا وإيابا، ليحتكما لركلات الترجيح.
في تلك اللحظات التي تناوب فيها اللاعبون على تسديد ركلات الترجيح، كان البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب ريال مدريد، يجثو على ركبته، في انتظار ما سيحدث.
وجاءت الطامة الكبرى بإهدار رونالدو، ريكاردو كاكا وسيرجيو راموس 3 ركلات ترجيح، فيما كان تشابي ألونسو الناجح الوحيد في التنفيذ، ليخسر الميرينجي بطاقة التأهل للمباراة النهائية (1-3) بضربات الحظ.
وجاءت النهاية مريرة لمورينيو ورجاله، بعدما حرمت ركلات الترجيح ذلك الجيل الاستثنائي من المضي قدما نحو ثنائية الليجا والأبطال في موسم كاد يكون تاريخيا.
بكاء مورينيو:
رغم اللحظات السعيدة وأيضا الحزينة التي عاشها مورينيو في مسيرته، إلا أنه خص تلك الليلة، ليصفها بالأسوأ على الإطلاق بالنسبة له.
يقول مورينيو عن تلك الليلة: “لسوء الحظ، هذه كرة القدم.. اخترت 3 من أفضل مسددي ركلات الجزاء للتنفيذ، وجميعهم وحوش، ولا شك في ذلك، لكنهم بشر في النهاية”، في إشارة لإهدار الثلاثي ركلاتهم.
المدرب البرتغالي كشف أيضا عن كواليس تلك الليلة بعد مغادرة البرنابيو، قائلا: “تلك الليلة الوحيدة في مسيرتي كمدرب، التي بكيت فيها بعد الخسارة”.
وأردف: “أتذكرها جيدا.. لقد وصلت بالسيارة إلى منزلي رفقة مساعدي إيتور كارانكا، وانخرطت في البكاء في تلك اللحظة”.
وبرر المدرب البرتغالي بكاءه آنذاك بقوله “كان الخروج صعبا ومريرًا، لأننا كنا الأفضل في ذلك الموسم”.
سر الحسرة:
قد يتعجب كثيرون من ارتباط مشجعي ريال مدريد بتلك الليلة وعدم نسيانها مطلقا، في ظل نجاح الفريق في شق طريقه بعدها نحو الألقاب المتتالية في دوري الأبطال، وحتى بقدرته على سحق بايرن ميونخ أكثر من مرة.
فالميرينجي تمكن من إقصاء بايرن نفسه من نصف النهائي عام 2014 بالفوز عليه (5-0) في مجموع المباراتين، وكذلك عام 2018 بالانتصار ذهابا وإيابا (4-3).
كما شهد عام 2017 خروج بايرن على يد الريال من ربع النهائي بخسارته في مجموع المباراتين (3-6)، وهي سيناريوهات تثلج صدور كل مشجعي ريال مدريد، إذن فلما كل هذه الحسرة؟
يرى مشجعو ريال مدريد أن موسم 2011-2012 كان مميزا من كافة النواحي، خاصة أنه كان بداية كسر هيمنة أفضل جيل في تاريخ برشلونة، عبر حرمانه من لقب الدوري الإسباني.
ولم يكسر جيل 2012 قبضة برشلونة الحديدية بطريقة عادية، بل بأفضل سيناريو ممكن عبر الوصول إلى 100 نقطة قياسية في نهاية الموسم.
كذلك، تمكن ريال مدريد من الوصول إلى سجل تهديفي قياسي، بإحراز 121 هدفا في الليجا وحدها، وهو ما لم ينجح أي فريق آخر في بلوغه حتى الآن.
ويرى المشجعون أيضا أن الريال كان الفريق الأفضل في تلك النسخة من دوري الأبطال، مما كان يجعله الأحق بالتتويج باللقب الذي ذهب في النهاية إلى تشيلسي.
هذا بالإضافة إلى وصول عدد من النجوم إلى أفضل مستوياتهم على الإطلاق في ذلك الموسم، على رأسهم كريستيانو رونالدو، الذي يصف بعض مشجعيه تلك النسخة بأنها “الأكثر تكاملا” في مسيرته.
كما أن رونالدو نفسه كان متألقا في تلك الليلة بتسجيل ثنائية في زمن قياسي، لكن ركلة الترجيح المهدرة أنست الجميع ما فعله في مستهل المباراة.
وإلى جانب تلك الأسباب، هناك سبب رئيسي لا يمكن نسيانه، يتمثل في حسرة مشجعي الريال على ضياع فرصة التتويج باللقب الأوروبي من بين يدي مورينيو.
ويؤمن قطاع عريض من مشجعي النادي بأن مورينيو كان حجر الأساس في عودة ريال مدريد لمكانته بعد فترة من الترنح، وكان نقطة انطلاق الجيل التاريخي المتوج بـ4 ألقاب أوروبية في 5 سنوات فقط بين عامي 2014 و2018.
كل ذلك يجعل هؤلاء المشجعين يتحسرون حتى الآن على عدم تتويج مورينيو مع الفريق الذي أعاد هيبته قاريا، بالكأس العاشرة، التي ظل النادي يبحث عنها لسنوات.