لم يكن يتوقع الكثيرون، ظهور المهاجم الفرنسي المخضرم كريم بنزيما بهذا المستوى المخيب خلال موسمه الأول مع اتحاد جدة.
وقد انضم كريم بنزيما (36 عاما) لصفوف الاتحاد في يونيو/حزيران 2023، بعد رحلة تاريخية مع ريال مدريد امتدت 14 عاما، نجح خلالها في تحقيق الإنجازات الفردية والجماعية، حيث أصبح أحد أفضل المهاجمين في تاريخ الملكي.
ولكن صاحب الكرة الذهبية عام 2022، فشل في مواصلة تقديم مثل هذه العروض بالملاعب السعودية، عكس زميله السابق في ريال مدريد، الأسطورة كريستيانو رونالدو الذي لا يرحم شباك الخصوم مع النصر خلال موسم ونصف.
أزمات مختلفة :
وانه وعانى بنزيما من عدة أزمات مختلفة مع “العميد” سواء على مستوى الإصابات أو الصراعات مع الجهاز الفني وإدارة النادي، والتي بدأت بصدام قوي مع المدرب نونو سانتو عقب الخسارة من الشرطة العراقي (0-2) في دوري أبطال آسيا.
وتسبب هذا الصدام في رحيل المدرب البرتغالي المخضرم، وتعيين الأرجنتيني مارسيلو جاياردو، والذي عانى بشدة، وأصبح رحيله مسألة أيام قليلة.
وبدأ بنزيما مع جاياردو بشكل جيد، وسجل 3 أهداف في 4 مباريات بمختلف البطولات، ولكنه سرعان ما تعرض لأزمات مختلفة بدأت بغيابه عن التدريبات في نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي، ثم توقفت المنافسات بسبب كأس آسيا 2023.
وقد استمر بنزيما في الغياب حتى بعد عودة الاتحاد للتدريبات بداية من 15 يناير/كانون ثان، ليقرر جاياردو استبعاده من معسكر الفريق في دبي، وهو ما فجر خلافا كبيرا بين الطرفين استمر لأسابيع حتى تدخلت الإدارة.
ومنذ هذه اللحظة، بدأ مسلسل غياب بنزيما عن المباريات بداعي الإصابات المختلفة، حيث تخلف عن أغلب التحديات القوية مثل مباراتي الهلال في ذهاب وإياب ربع نهائي دوري أبطال آسيا.
كذلك، حذف جميع صوره مع الاتحاد من حساباته الشخصية قبل أن يعود لنشر بعضها مرة أخرى في الفترة الأخيرة، ولكن مسلسل غيابه يستمر حتى هذه اللحظة، وقرر السفر للعلاج تحت إشراف طبيب ريال مدريد.
فشل إداري
رغم تعاقد اتحاد جدة مع أسماء قوية بجانب بنزيما، إلا أن بعض المراكز المهمة لم يتم تدعيمها بأفضل صورة في كافة الخطوط، وخاصة أطراف الملعب.
التعاقد مع بنزيما كان قرارا خاطئا من الأساس، بسبب تواجد مهاجم آخر وهو عبد الرزاق حمد الله، حيث كان يعتقد البعض أن قدوم الفرنسي سيطيح بالهداف المغربي، ولكن الإدارة قررت الإبقاء على الثنائي مع وجود رومارينيو وصالح العمري وإيجور كورنادو قبل رحيله.
كل هؤلاء اللاعبين يجيدون اللعب في العمق، ولا يستطيع أي منهم المشاركة كجناح، مما تسبب في أزمة واضحة أدت إلى ضعف الخط الأمامي.
واقتصرت خيارات الاتحاد في منطقة الجناح، على فيليبي جوتا الذي تم استبعاده بعد أول 5 جولات، بسبب عدم اقتناع سانتو بقدراته، وهو سوء عمل إداري واضح من بداية التعاقد مع الصفقة.
وعاد جوتا في النصف الثاني من الموسم تزامنا مع استعارة أحمد الغامدي من الاتفاق، وهو ما يعني أن “العميد” خاض أغلب لقاءات الدور الأول بدون أجنحة، واقتصرت الخيارات على العمق فقط.
وأدى ذلك إلى سوء مستوى بعض اللاعبين، ومنهم بنزيما الذي اضطر في بعض الأحيان للقيام بأدوار أخرى بجانب دوره الرئيسي كرأس حربة، لتنخفض معدلاته التهديفية.
جودة سيئة
سبق وأن اشتكى الهداف الفرنسي من ضعف جودة لاعبي الاتحاد، وهو ما ظهر في بعض المباريات بشكل واضح، فيما يتعلق بدقة التمرير والتحركات في الخط الأمامي.
يأتي ذلك في الوقت الذي يمتلك فيه بنزيما، العديد من المزايا، والمتمثلة في النزول إلى وسط الملعب أو الميل على الأطراف للمساهمة في عملية البناء وتوزيع اللعب وهو ما اشتهر به مع الملكي.
وبالفعل قام بنزيما بنفس الأدوار مع الاتحاد، نظرا لقدرته على تناقل الكرة في مساحات ضيقة تحت ضغط، ولكن زملاء الفرنسي فشلوا في استغلال هذه النقطة، بتمريرات خاطئة وتحركات سيئة داخل منطقة الجزاء.
لكن هذه الأمور لم تشفع لبنزيما أمام انتقادات الجماهير والإعلام، في الوقت الذي سجل فيه 16 هدفا وقدم 9 تمريرات حاسمة بمختلف البطولات المحلية والقارية والبطولة العربية، وهي أرقام لا تتناسب مع قدرات الهداف الفرنسي.
ليالي مدريد
أوضح بنزيما خلال تصريحات سابقة أيضا أن “مستوى نجوم ريال مدريد كان يساعده كثيرا على التألق والتسجيل”، مؤكدا أن “هناك فارق كبير في الجودة مع لاعبي الاتحاد”.
وبالنظر إلى رحلة بنزيما مع ريال مدريد، فإنه كان يجد بجانبه، العديد من النجوم البارزين أمثال رونالدو وجاريث بيل وفينيسيوس جونيور ورودريجو، بالإضافة إلى لاعبي الوسط بقيادة لوكا مودريتش وتوني كروس وكاسيميرو وفيدي فالفيردي.
وساهم تواجد هؤلاء النجوم مع قدرات بنزيما، في ظهور حالة رائعة من التفاهم وخاصة في المرتدات ومهاجمة الخصم من الأطراف ثم الدخول للعمق، حيث كان يجيد النجم الفرنسي، التحرك بين الخطوط واستغلال الثغرات مع سرعات الأجنحة.
كل هذه الأمور لم يجدها بنزيما في الاتحاد، ولكن كان من المفترض أن يظهر اللاعب الفرنسي بمستوى أفضل لإرضاء طموحات الجماهير.
وفي الوقت الذي يعاني فيه بنزيما، فإن زميله حمد الله يقدم مستويات جيدة بتسجيل 30 هدفا وتقديم 5 تمريرات حاسمة في 42 مباراة بمختلف البطولات المحلية والقارية بجانب البطولة العربية.